أثناء قراءة احد احدث المقالات على موقع عمّون الأخباري، تملكني العجب تجاه نزعة التذمر في الوقت الخاطئ ومن دون حق. المقالة بعنوان ”الوزير المدلل” وتناقش بعض سياسات وتوجهات وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مروان جمعه، خصوصاً خطوة حجب بعض المواقع الالكترونية عن موظفين الدوائر الحكومية في الدوائر أثناء ساعات العمل. وجهت الصحافة اتهامات ورد جمعة عليها بحقائق وأرقام وبيانات مقنعة، فإذ تفاجأت بأن أرى “الصحافة” ترد على جمعة بعبارات غير مدروسة وغير منطقية (الأمر الذي يسمى الـ”مغالطة الشكلية”).
قبل المضي قدماً، أود التأكيد على احترامي لمهنة الصحافة بشكل عام، والصحافة الأردنية بشكل خاص، وأن تهجمي على بعض الممارسات غير موجهة للصافة الأردنية بأكملها.
والأمر العجيب أن الاتهامات والـ”إهانات” الموجهة لجمعة ليست بالإهانات الحقيقية، وهي في الواقع ليست أمور سلبية، إلا أنها وجّهت بضوء سلبي ووراء عدسة ساخرة لتبدو كأنها انتقادات حقيقية…
اتهم جمعة بأنه وزير “مدلل” لأن منهاجيته وطريقه عمله في العمل العام تشبه طريقة العمل في القضاء الخاص، واتهم بأن لديه “عقلية البزنس” ولذلك فهو “بالطبع” غير ملائم ليكن وزير فعال في القطاع العام.
العجب هنا أن المتخصصين يتفقون بأن الكثير من عادات إدارة القطاع الخاص يجب تطبيقها في القطاع العام لتحسين جودة الخدمات. مثال عليها هو استخدام مبدأ “الهيكل التنظيمي” في القطاع العام بعد أن ثبتت ميزته في القطاء الخاص، وطرق الدفع بالساعات، واستخدام الدعاية والاعلانات لنشر وعي “المستهلك” (هنا، المواطن)، الخ…
الإنتاجية هو الأهم في القطاع العام، والإناجية أيضاً في بالغ الأهمية في القطاع الخاص، وبحسب دراسات وأرقام وحقائق، نعلم بأن الحاسوب قد يضر الانتاجية عندما يستخدم كأداة “استجمام” أو “لعب” يستخدمها الموظف الحكومي وموظف الشركة للفت انتباههم عن العمل.
وإذا فأمر جمعة بحجب بعض المواقع الاخبارية والشخصية ذات الشعبية في الدوائر، وغير المتعلقة بالعمل، وهي — كما أكد جمعة ذاته — ممارسة شائعة في العديد من الشركات وفعاليتها مثبتة.
الصحافة تتذمر بطول “الطوابير” في الدوائر الحكومية، وكثرة الانتظار، وعدم التركيز فيها، وكثرة الاخطاء الممكن تجنبها (ومعها حق هنا) — ولكن لا تحسبوا أن في هذا التذمر رغبة للتغيير والتحسين (فالتذمر موضة وفن)، بل اعلم أن في هذا التذمر رغبة للتذمر فقط لا غير، وإذا أعربت الحكومة أو دائرة حكومية عن رغبتها في معالجة الوضع الراهن، والتغيير والتحسين، فتعود الاسطوانة المكسورة بالدوران، والتذمر، والتذمر، إلا أن التذمر الآن… من غير حق.